عرض المقال
جماعة أحمد سبع الليل
2013-03-28 الخميس
فى ذكرى رحيل العبقرى أحمد زكى شاهدت فيلم «البرىء» الذى كتبه وحيد حامد، الذى كتب على نص السيناريو جملته الدالة الموحية «إهداء إلى عشاق الحرية والعدالة فى كل زمان ومكان»، لم يكن يعرف وحيد وقتها أن «الحرية والعدالة» صارت رمزاً للقمع والقهر، وأنها صارت وكراً يضم كل سباع الليل الذين يظنون كل مثقف أو مفكر أو إعلامى هو من أعداء الوطن!، هل أحمد سبع الليل هو جندى الأمن المركزى فقط والذى طارد الكاتب المثقف وظل يكيل لصاحب الكلمات اللكمات وقد صُمَّت أذنه عن الفم النازف للكاتب وهو يصرخ «انت مش فاهم حاجة»، أحمد سبع الليل لا يفهم إلا شيئاً واحداً هو ما أفهمه إياه مأمور السجن وقائد المعتقل الشاذ «هؤلاء أعداء الوطن»!!، حتى ابن قريته الطيب الذى علّمه ونوّره هو أيضاًً من أعداء الوطن!، كل مبرمَج فى تنظيمات السمع والطاعة هو أحمد سبع الليل، صار عندنا يا فتى السينما الأسمر العبقرى الذى رحل عنا قبل الطوفان، صار عندنا مليون أحمد سبع الليل، يعتبروننا نحن أعداء الوطن، ويعتبرون كل من يفكر عدو الوطن، ويعتبرون كل من يعترض عدو الوطن، من يغنى.. من يفرح.. من يثور.. من يدافع عنهم ضد عنادهم وتصلفهم، عدو الوطن، خرج علينا أحمدات سباع الليل ينهشون فى لحمنا وأعراض نسائنا بفجر الخصومة ودموية الشماتة وندالة الضباع ولذة وشهوة الافتراس، استمعوا إلى صوت الراحل عمار الشريعى كما استمعت وبكيت معه وهو يغنى بحنجرة مشروخة يسكنها شجن وملح كلمات الأبنودى النازفة وغنوا معه:
يا قبضتى، دُقِّى على الجدار، لحد ليلنا ما يتولد له نهار..
يا قبضتى، دُقّى على الحجر، لحد ما تصحّى جميع البشر..
لحد ما تتفسر الأسرار.. مش فاهم اللى حاصل، لكن بقلبى واصل..
واللى مش فاهمه عقلى، بتشرحه السلاسل.. يا قلوب بتنزف دم فى العتمة، ياقلوب بتنزف دم وتغنى..
سجنونا قاصدين يسجنوا الكلمة، والكلمة غصب عنها وعنى..
طلعت من القضبان وم الأسوار.